اهتمت الصحافة الهولندية في تقاريرها الأخيرة بالاحتجاجات المتواصلة في المغرب، التي دخلت يومها الثالث على التوالي، مشيرة إلى مشاركة آلاف الشباب في مدن كبرى مثل الرباط، الدار البيضاء، وفاس وطنجة، للتعبير عن استيائهم من تدهور الخدمات الأساسية والمطالبة بتحسين الصحة والتعليم ووضع حد للفساد المستشري في مؤسسات الدولة. وذكرت وسائل الإعلام الهولندية أن السلطات المغربية اعتقلت أكثر من 200 متظاهر خلال عطلة نهاية الأسبوع، وهو ما أثار قلق المنظمات الحقوقية المحلية والدولية على حد سواء.
وأكدت الصحافة الهولندية أن هذه الاحتجاجات ليست مجرد أحداث عابرة، بل هي جزء من حركة مستمرة منذ ثلاثة أشهر، حيث ينقل الشباب المحتجون رسائل واضحة عبر وسائل التواصل الاجتماعي، منتقدين سياسة الحكومة في تخصيص الأموال. وأبرزت التقارير أن جزءا كبيرا من ميزانية الدولة مخصص لبناء الملاعب الرياضية لاستضافة كأس إفريقيا هذا العام وكأس العالم بعد خمس سنوات، في حين تظل القطاعات الأساسية مثل الصحة والتعليم تعاني من نقص التمويل والدعم. ووصفت وسائل الإعلام الهولندية هذا التفاوت بين أولويات الإنفاق الحكومي واحتياجات المواطنين اليومية بأنه سبب رئيسي لغضب الشباب.
ونقلت الصحافة الهولندية عن محللين أن الاحتجاجات تمثل اختبارا مهمًا للسلطات المغربية، إذ تظهر مدى قدرة الدولة على الاستجابة لمطالب المواطنين دون التصعيد الأمني. كما أشارت التقارير إلى أن الشباب المغربي يعتبرون أن الاستثمار في الرياضة لا يجب أن يأتي على حساب حقوقهم الأساسية، مثل الحصول على تعليم جيد ورعاية صحية متكافئة. وأبرزت بعض التقارير أن المحتجين يستخدمون منصات التواصل الاجتماعي بشكل واسع لتنظيم التظاهرات ونقل صور الاحتجاجات، ما يجعل من الصعب على السلطات السيطرة الكاملة على تدفق المعلومات حول الحركة الاحتجاجية.
كما ركزت الصحافة الهولندية على الأبعاد الاجتماعية للاحتجاجات، مشيرة إلى أن الشباب يعبرون عن شعور متزايد بالإحباط بسبب البطالة وقلة الفرص الاقتصادية، ما يضاعف من حدة المطالب التي تشمل ليس فقط تحسين الخدمات، بل أيضًا إصلاحات أوسع في الحكم ومكافحة الفساد. وأشارت بعض التقارير إلى أن الاحتجاجات بدأت سلمية، لكنها شهدت في بعض المدن مواجهات محدودة مع قوات الأمن، ما دفع الصحافة الهولندية إلى تسليط الضوء على تحديات التوازن بين الأمن وحق المواطنين في التعبير عن مطالبهم المشروعة.
كما نقلت الصحافة الهولندية عن بعض المشاركين في الاحتجاجات تصريحات تقول إنهم يريدون إشراك الحكومة في حوار مباشر حول أولويات الإنفاق العام، مؤكدين أن الشباب لا يعارضون التطور الرياضي أو الاستثمارات الكبرى، ولكنهم يرفضون أن تأتي هذه الاستثمارات على حساب صحة وتعليم المواطنين. وأضافت التقارير أن هذه المطالب الشعبية تكشف عن فجوة كبيرة بين توقعات الشباب وطموحات الحكومة في التنمية، وهي مسألة قد تؤثر على الاستقرار الاجتماعي والسياسي في البلاد إذا لم يتم التعامل معها بشكل جدي.
وأخيرا، أشارت الصحافة الهولندية إلى أن ما يحدث في المغرب يعكس توجها أوسع في المنطقة، حيث أصبح الشباب أكثر وعيا بحقوقهم ومطالبهم، ويستخدمون وسائل التواصل الاجتماعي للضغط على الحكومات لتحقيق تغييرات ملموسة في حياتهم اليومية، ما يجعل هذه الاحتجاجات جزءا من حركة إقليمية أكبر تطالب بالمساواة والعدالة الاجتماعية
