أصدرت المحكمة الزجرية بالدار البيضاء، يوم أمس الثلاثاء، حكماً يقضي بسجن الناشطة والمدونة سعيدة العلمي ثلاث سنوات نافذة، إضافة إلى غرامة مالية قدرها 20 ألف درهم. وتوبعت العلمي بتهم تتعلق بـ”إهانة هيئات منظمة قانوناً”، و”إهانة موظفين عموميين أثناء تأدية مهامهم”، و”المساس بالاحترام الواجب لسلطتهم”، فضلاً عن “تحقير مقررات قضائية” و”نشر وقائع كاذبة بهدف التشهير”.
خلال الجلسة، دافعت العلمي عن نفسها بقولها إن نشاطها الحقوقي ليس خياراً شخصياً بل التزاماً من أجل الأجيال القادمة، مؤكدة أن غايتها بناء مغرب يضمن الحرية والكرامة ويصون العدالة.
محامو الدفاع ركزوا بدورهم على أن الملف يفتقر إلى الأسس القانونية اللازمة للإدانة، مشددين على غياب القصد الجنائي، وعدم وجود أي ضرر مادي أو معنوي حقيقي. كما اعتبروا أن تدويناتها وخرجاتها الإعلامية تندرج ضمن حرية التعبير التي يكفلها الدستور والمواثيق الدولية، وأن تجريمها يعد تراجعاً عن مبادئ دولة الحق والقانون.
من جهتها، عبّرت العلمي في كلمتها الأخيرة عن ثقتها في براءتها، مبرزة أن نضالها جزء من مسار طويل لتكريس الديمقراطية وحقوق الإنسان، حتى لا تتكرر الانتهاكات التي عرفها المغرب في مراحل سابقة.
الحكم أثار ردود فعل قوية داخل الأوساط الحقوقية والإعلامية، حيث وصفه عدد من المتضامنين بـ”المبالغ فيه”، معتبرين أنه يضيق على حرية الرأي. كما انطلقت دعوات على منصات التواصل الاجتماعي تطالب بالإفراج عنها، معتبرة أن ما قامت به يدخل في نطاق التعبير السلمي عن المواقف.
وتأتي هذه القضية في سياق أوسع يتابع فيه عدد من النشطاء والمدونين بالمغرب بسبب تعبيرهم عن آرائهم وانتقاداتهم لمؤسسات الدولة، ما يفتح النقاش من جديد حول حدود الحريات الفردية والجماعية في البلاد.

سعيدة العلمي: نضال مستمر رغم السجن والمضايقات
أود أن أشكر الصحافي عماد العتابي على تغطيته الدقيقة والشجاعة لقضية الصديقة سعيدة العلمي، المرأة المناضلة التي تفجر قلمها بالحقائق ويكتب بقنابلها المكتوبة على ورق أحمر ملطخ بدماء الأبرياء. مقال عماد لم يكتفِ بسرد الحكم الجائر الصادر ضدها من طرف المحكمة الزجرية بالدار البيضاء، بل أعطى صورة حية لنضالها المستمر من أجل حرية التعبير والعدالة، مؤكداً على التزامها المستميت بحقوق الإنسان وكرامة المواطنين.
الحكم الصادر ضد العلمي، والذي قضى بسجنها ثلاث سنوات نافذة وغرامة مالية، جاء بدعوى “إهانة هيئات منظمة قانوناً” و”نشر وقائع كاذبة بهدف التشهير”، رغم أن محامي الدفاع أثبتوا غياب الأسس القانونية للإدانة وعدم وجود أي ضرر مادي أو معنوي، وأن نشاطها يندرج ضمن حرية التعبير المكفولة دستورياً ودولياً.
ما يجعل هذه القصة أكثر وضوحاً وتأثيراً هو ما عايشته بعد خروجها من السجن تحت ما سمي بالعفو الهلكي. منذ ذلك الحين، لم تهدأ مراقبة البوليس العلني والسرّي، الذين لم يفوتوا فرصة لإزعاجها واستفزازها، محاولة إخضاعها للسيطرة وإسكات صوتها. ومع ذلك، ظلّت صامدة، متحدية كل الضغوط، حتى عندما وجدت العصابة الحاكمة ذريعة تافهة لاختطافها خارج إطار القانون، محاولةً إسكاتها بالقوة.
تغطية عماد العتابي لشجاعتها وإصرارها تُظهر أن الصحافة الحرة، حين تلتزم بالحق، تظل أداة قوة أمام الظلم، وأن صوت الحقيقة لا يُسكت مهما حاولت الأنظمة التسلطية فرض صمتها. مقال كهذا يضيء الظلام، ويؤكد أن النضال من أجل الحرية والكرامة مستمر، وأن التضامن مع النشطاء والمدافعين عن حقوق الإنسان هو واجبنا جميعاً
تحياتي و التقدير
يحي يشاوي