رغم إعلان أنقرة قبل أسابيع عن وقف العلاقات التجارية مع إسرائيل وإظهار الانحياز للفلسطينيين، كشفت صحيفة “معاريف” العبرية أن الواردات التركية ما زالت تتدفق بانتظام، ولكن عبر مسار بديل يمر باليونان.
وبحسب البيانات الرسمية، فقد بلغ إجمالي الواردات من تركيا إلى إسرائيل خلال الفترة من يناير إلى يوليو 2025 نحو 1.9 مليار شيكل، ما يفضح التناقض بين التصريحات السياسية والشعارات الدعائية من جهة، والحقائق الاقتصادية من جهة أخرى.
الرئيس التركي رجب طيب أردوغان لا يفوّت فرصة في خطاباته ليهاجم إسرائيل ويقدّم نفسه كـ”مدافع عن القدس”، لكنه في الواقع يسمح باستمرار تدفق الوقود، السلع، والمستلزمات التي يعتمد عليها جيش الاحتلال، بما فيها ما يُستخدم في تشغيل الطائرات التي تواصل قصف غزة ضمن حرب الإبادة. وبذلك، تصبح تركيا جزءًا ولو عبر الالتفاف والوساطة، من آلة الحرب الإسرائيلية ضد الغزيين.
هذا المشهد يعكس بدقة النهج الإخواني التقليدي، حيث شعارات دينية وحماسية لتعبئة الشارع، وفي الوقت نفسه براغماتية باردة تضع المصالح الاقتصادية فوق أي اعتبار. أردوغان الذي يُشعل حماس الجماهير بخطاباته، هو ذاته الذي يتيح لإسرائيل الاستمرار في الحصول على ما تحتاجه لاستمرار عدوانها.
إنها الازدواجية الإخوانية التي تتلخص في خطب على المنابر لدغدغة عواطف شعوب المنطقة، وتحالفات ومصالح واقعية في الخفاء، حتى لو كان الثمن دماء الفلسطينيين.
بينما يتباهى أردوغان بدوره كـ”حامي الأقصى”، تُظهر الأرقام والوقائع أنه يمارس سياسة تطبيع مقنّع، حيث تتحول تركيا إلى شريك غير مباشر في تمويل وإدامة الحرب على غزة. هذه الحقيقة تكشف زيف الخطاب وعمق نفاق الإخوان المسلمين الذين يجمعون بين التدين الشكلي والبراغماتية النفعية.
