في صباح الأول من شتنبر 2025، توحد العالم في صرخة مدوية. أكثر من مئتي وسيلة إعلامية ومنظمة دولية عبر القارات رفعت صوتها ضد الجرائم الممنهجة التي يرتكبها الاحتلال الإسرائيلي بحق الصحافيين الفلسطينيين في غزة. هذه الحملة العالمية ليست مجرد تحرك مهني، بل شهادة جماعية على أن الصمت أصبح خيانة، وأن الحقيقة لا يمكن إسكاتها.
منذ السابع من أكتوبر 2023، تحوّل العمل الصحفي في فلسطين إلى مهمة يومية بين الحياة والموت. أكثر من 210 صحافي وصحافية فقدوا حياتهم، بينهم 56 قُتلوا أثناء أداء رسالتهم المهنية، حاملين الكاميرا والقلم بدل السلاح. كل رقم هنا يمثل روحا، عائلة، حلما، وحكاية تُقتل بلا رحمة. استهداف الصحافيين ليس مجرد حدث مأساوي، بل سياسة متعمدة لإسكات الرواية الفلسطينية ومنع العالم من رؤية المأساة كما هي.
قتل الصحافيين جريمة مزدوجة ضد الأفراد وضد الإنسانية نفسها. إنه انتهاك صارخ للقانون الدولي الإنساني واتفاقيات جنيف، ورسالة تقول إن كل من يجرؤ على توثيق الحقيقة يصبح هدفا. لكن الحقيقة عصيّة على القتل. فحين تُسكت الكاميرا، يولد ألف عدسة أخرى. وحين يُكبت القلم، ينبثق ألف قلم جديد.
الصحافة ليست مجرد مهنة؛ إنها دفاع عن الحق في المعرفة، وحارس للذاكرة الإنسانية. في غزة اليوم، الصحافيون هم شهود على التاريخ، يكتبونه بدمائهم وسط الركام. هم الذين يكشفون للعالم ما يحاول الاحتلال إخفاءه، ويحمون الحقيقة من الطمس والتزييف.
انضمام صدى الحقيقة إلى هذه الحملة التي تقودها منظمات مثل مراسلون بلا حدود، الاتحاد الدولي للصحافيين، وأفاز، هو التزام أخلاقي ومهني. نحن نقف مع كل صحافي وصحافية في وجه آلة القتل والإرهاب الإعلامي الصهيوني. نحن نؤكد أن حماية الصحافيين مسؤولية إنسانية عالمية، وأن الدفاع عن حرية الإعلام جزء لا يتجزأ من النضال من أجل العدالة والكرامة والحرية.
لقد حاولوا إسكات الصوت الفلسطيني، لكن كل محاولة قمع ولدت ألف صوت جديد. كل كاميرا تتحطم، تفتح أعين العالم على الحقيقة. كل قلم يُسكت، ينبت ألف قلم يحمل الحقيقة بصوت أعلى.
إن الدفاع عن الصحافيين الفلسطينيين هو الدفاع عن الإنسانية نفسها، عن الحق في المعرفة، وعن العدالة التي لا يمكن تأجيلها. اليوم وغدا، وكل يوم، سنظل نقول بصوت واحد.. لن يُسكت الحق، ولن تُمحى الحقيقة، والرصاص لن يوقف الكلمة.
