الرباط/المغرب
بعد ليلة طويلة من المرافعات والمناقشات، أسدلت المحكمة الابتدائية بالرباط الستار على واحدة من أكثر القضايا إثارة للنقاش في الأسابيع الأخيرة، والمعروفة إعلاميا باسم “ملف الأقمصة”.
فقد أصدرت المحكمة أحكامًا بالسجن النافذ في حق شابين وعامل مطبعة، على خلفية ارتدائهما قمصانًا تحمل عبارات تضامنية ومطلبية، اعتُبرت من طرف السلطات “تحريضًا بواسطة ملصقات معروضة على العموم”.
وقضت المحكمة بـ أربعة أشهر حبسًا نافذًا في حق الشاب الذي ارتدى قميصًا كُتب عليه “الصحة والتعليم أولًا”، وشهرين حبسًا نافذًا في حق الشاب الذي ارتدى قميصًا يحمل عبارة “فلسطين حرة”. كما تمت إدانة عامل المطبعة بـ شهر واحد حبسًا نافذًا.
الشابان لم يكونا يقودان تظاهرة أو يرفعان شعارات سياسية، بل عبّرا عن رأيهما بطريقة رمزية عبر قميصين. غير أن الفعل البسيط تحوّل إلى قضية قضائية أثارت نقاشًا حادًا حول حدود حرية التعبير في البلاد، وإمكانية متابعة مواطنين فقط لأنهم عبّروا عن مواقف إنسانية ومطلبية.
في عمق هذه القضية، لا يتعلق الأمر بقميصين ولا بشابين فحسب، بل بسؤال أعمق حول العلاقة بين المواطن والدولة، وحول مدى قدرة الدولة على استيعاب التعبير المختلف.
فكلمات مثل “فلسطين حرة” و”الصحة والتعليم أولًا” لا تُعدّ في حد ذاتها مخالفة، بل هي دعوات إنسانية تتكرر في خطابات رسمية وشعبية على حد سواء. لكن حين تتحوّل هذه العبارات إلى تهم، يصبح النقاش حول حرية التعبير ضرورة وطنية ملحّة.
