تيسير عبد
في كل مرة تحتاج قناة الجزيرة إلى إسرائيل لإقناع المواطن العربي وغير العربي أنها تخوض اشتباكا إعلاميا (مسلحا) مع جيش الإحتلال. لتطهير نفسها من التشكيك في رسالتها. وتماهيها مع رواية الاحتلال. ومدها بوقود جديد لتبقى تتصدر وسائل الإعلام.
بين كل وقت وآخر. تحتاج القناة إلى قرار إغلاق تصدره الحكومة الإسرائيلية على اعتبار انها قناة عدو. بينما عملاء الشاباك والموساد يجوبون شوارع الدوحة. وينامون في فنادقها بالأسابيع المتواصلة. وتتشارك القوات القطرية المسلحة في مناورات عسكرية مشتركة مع القوات الجوية الإسرائيلية في قبرص. المسؤوولة الأولى عن إبادة أطفال غزة ونسائها. وتنطلق شحنات الاسلحة التي تبيد قطاع غزة دون توقف. من قاعدة العديد إلى قاعدة نوفاتيم الاحتلالية.
بين وقت وآخر. يقوم جيش الإحتلال بقتل موظفي القناة في فلسطين: شرين ابو عاقلة، وإسماعيل الغول. وأنس الشريف وغيرهم. لتبقى الجزيرة القناة الوحيدة التي تخوض المعركة الدامية مع إسرائيل. التي تسلب عواطف المتابعين وعقولهم.
لا تقتل إسرائيل مراسلي قناة الميادين، ولا المنار. ولا مراسلي القنوات الجزائرية ولا السعودية ولا الكويتية. ولا حتى مراسلي نيويورك تايمز الذين آذوا الاحتلال أكثر من قناة الجزيرة. وذكر نتنياهو الصحيفة بالاسم في مؤتمره الصحفي أمس.
الاحتلال لا يريد من اي قناة أخرى تشارك قناة الجزيرة هذا الشرف وتنافسها في خوض الاشتباك المعمد بالدم.
صباح أمس فقط انفردت قناة الجزيرة في بث مواد تماهت فيها مع رواية الاحتلال. وحاولت إثبات ان خمااش تسيطر على مدينة غزة التي يتهددها الاحتلال بعملية عسكرية تشبه ما حدث في رفح وبيت حانون وشرق خان يونس. عملية تمسح غزة عن وجه الأرض. بثت القناة المواد الإخبارية كأي قناة عبرية في نفس التوقيت. مما أثار حفيظة الغزيين وانتقاداتهم وغضبهم.
إن السم الموجه الذي تبثه القناة ويقدم باستمرار مبررات واضحة وعلنية لتدمير الاحتلال قطاع غزة وإبادة سكانه. وتنشره بين ثنايا أخبارها أخطر ألف مرة من تلك الأخبار التي تصدرها وكأنها تنقل معاناة الغزيبن وآلامهم.
قضيتنا الفلسطينية قضية عادلة في الأساس. وهي التي تمنح العاملين الصادقين فيها شرعية وحبا وشهرة. وليس العكس. في الانتفاضة الأولى لم تكن الجزيرة ولا كل أذرعها الإعلامية الإخطبوطية. ولكن مشهدا صغيرا مثل مشهد تصفية الطفل محمد الدرة بكاميرا الصحفي ابو رحمة المتواضعة. حقق انتشارا وتأثيرا لصالح روايتنا. وأضر برواية الاحتلال. أكثر مما فعلته الجزيرة وغير الجزيرة عبر مزاعمها الطويلة. ولا تزال جميع مشاهد الانتفاضة موثقة.
المؤامرة معقدة، وتشابك المصالح والأهداف السرية اكثر تعقيدا. ومعركة الوعي في مواجهة التدليس والاستغلال والتخفي والتماهي الإعلامي الأشد أهمية.
هنيئا لقناة الجزيرة هذه الهدايا الإسرائيلية الثمينة التي ترفع أسهمها دائما، وتجعلها القناة الاكثر موثوقية من بين القنوات المنافسة.
تيسير عبد
