الرباط/
في ما يمكن اعتباره أحد أبرز المشاهد الصادمة للممارسة البرلمانية بالمغرب، صادق مجلس النواب على قانون مالية 2026 خلال ست دقائق فقط، في حين غاب حوالي 70٪ من النواب عن الجلسة. ستٌ دقائق، وغياب أغلبية أعضاء البرلمان، كافية لتمرير وثيقة تحدد أولويات الدولة لسنة كاملة، من الصحة والتعليم إلى المشاريع الاقتصادية الكبرى، دون أي نقاش حقيقي أو مساءلة فعلية.
هذا المشهد لا يعكس مجرد تقصير تنظيمي، بل يفضح ضعف التمثيل الديمقراطي ومحدودية الرقابة البرلمانية. فتمرير ميزانية في وقت قياسي كهذا يحوّل العملية التشريعية إلى مجرد مهرجان شكلي لتأكيد السلطة التنفيذية، على حساب تمثيل المواطنين ومصلحتهم. فكيف يمكن للأقلية المتبقية أن تقرر مصير ملايين المواطنين؟ وكيف يمكن اعتبار هذا تصويتا شرعيا؟
الأمر الأسوأ أن هذه السرعة المفرطة تُهمش أي دور للنقاش العام والمساءلة، وتجعل من البرلمان مجرد غرفة توقيع على قرارات معدة سلفا. لأن الميزانية ليست مجرد أرقام؛ هي خطة حياة ملايين المغاربة، وقرارها بهذه الطريقة يسلط الضوء على أزمة الثقة العميقة بين المواطنين ومؤسساتهم.
هذا الحدث يشير إلى فجوة خطيرة في ممارسة الديمقراطية، حيث نواب غائبون، نقاش غائب، ومسؤولية تُترك لعدد قليل من الحاضرين. بالمقارنة مع المعايير الدولية، فإن تمرير ميزانية بهذه السرعة يُعتبر خرقًا صارخًا لروح الديمقراطية، ويطرح علامات استفهام عن مدى التمثيل والشفافية داخل البرلمان المغربي.
ست دقائق فقط كانت كافية لتمرير ميزانية كاملة، لكنها لم تكن كافية لضمان تمثيل حقيقي للشعب أو لممارسة نقاش برلماني جاد. ما حدث يكشف هشاشة الإجراءات البرلمانية وأهمية الرقابة والمساءلة، ويضع علامات استفهام حول قدرة البرلمان على أداء دوره كمؤسسة ديمقراطية حقيقية. بل يسوق صورة مقلقة عن البرلمان كمؤسسة شكلية، تفتقر إلى المساءلة والتمثيل الحقيقيين.
