طنجة/المغرب
أثار حكم قضائي يقضي بسجن فتى يبلغ من العمر 16 عاماً لمدة 15 سنة، على خلفية تورّطه في استدراج واغتصاب وقتل طفلة في السادسة من عمرها بمدينة القصر الكبير، موجة غضب عارمة في الأوساط المغربية، بين من يرى في الحكم تجسيداً لقصور قانوني، ومن يشدد على ضرورة احترام مقتضيات محاكمة الجانحين الأحداث.
وتعود وقائع الجريمة إلى نحو شهرين، حين اختفت الطفلة في ظروف غامضة قبل أن يُعثر عليها جثة هامدة في منطقة خلاء، تحمل آثار عنف شديد وكسور. وقد تمكّنت مصالح الأمن من توقيف الجاني في اليوم نفسه، بعد الوصول إلى أدلة قاطعة من بينها تسجيلات كاميرات المراقبة، فيما أقرّ المتهم خلال التحقيق بكامل تفاصيل الجريمة.
ورغم فداحة الواقعة، فقد استندت المحكمة إلى مدونة قضاء الأحداث التي تمنح امتيازات قانونية للمتهمين دون سنّ 18 عاماً، إذ تهدف هذه النصوص إلى إعادة التأهيل بدل العقاب المطلق، ما خفّض العقوبة التي كان يمكن أن تصل إلى السجن المؤبد أو الإعدام لو كان المتهم راشداً.
غير أن هذا المنطق القانوني لم يُقنع أسرة الضحية ولا جزءا واسعا من الرأي العام؛ فقد انهارت والدة الطفلة داخل قاعة المحكمة، مؤكدة أن “العدالة لم تُنصف صغيرتها، وأن الحكم لا يوازي حجم الفقد والألم”. فيما عبّر مواطنون وحقوقيون عبر منصات التواصل عن صدمة جماعية من “عدم تناسب العقوبة مع بشاعة الجريمة”.
ويرى عدد من المختصين في القانون الجنائي أن القضية كشفت فجوة واضحة بين نص القانون وإحساس المجتمع بالعدالة. فبينما يهدف التشريع إلى حماية القاصرين باعتبارهم في طور التكوين النفسي والأخلاقي، فإن بعض الجرائم، خاصة تلك التي تطال الأطفال وتمسّ الحق في الحياة والكرامة الجسدية، تطرح أسئلة ملحّة حول ضرورة إعادة النظر في فلسفة العقاب.
وتستعد جمعيات حماية الطفولة وفاعلون مدنيون لإطلاق مطالبات رسمية من أجل مراجعة الإطار القانوني لجرائم الاغتصاب ضد القاصرين، بما يضمن تشديد العقوبات حين يقترن الاعتداء الجنسي بالعنف أو القتل، حفاظا على الحق في الحياة، وحرمة الجسد، وأمن الطفولة
