في الساعات الأولى من يوم الأحد 24 غشت 2025، أسلم عزيز المنبهي الروح في منفاه بفرنسا، بعد صراع مرير مع المرض. رحل بهدوء، لكن صدى مساره ظل عاصفاً كالأيام التي عاشها منذ أن انخرط في دروب النضال الطلابي والسياسي خلال السبعينيات.
ابن مراكش الذي حمل حلم جيل
وُلد المنبهي في 15 فبراير 1950 بمراكش، وسط أسرة ستخلّدها الذاكرة المغربية باسمين بارزين: عزيز، وشقيقته الشهيدة سعيدة المنبهي. في الجامعة، برز مبكرا كأحد الوجوه الطلابية القيادية، وتولى رئاسة المؤتمر الخامس عشر للاتحاد الوطني لطلبة المغرب، حيث رفع شعارا سيظل علامة فارقة: اعتبار القضية الفلسطينية قضية وطنية.
سنوات الاعتقال والمنفى
دفع ثمن انخراطه في اليسار الراديكالي باعتقال وتعذيب طويلين خلال ما يُعرف بسنوات الرصاص. تجربة السجن لم تكسر إرادته، بل زادته صلابة في الدفاع عن رفاقه ومبادئه. لاحقا سيجد نفسه في المنفى، متنقلاً بين العواصم، دون أن ينقطع صوته عن معارك الديمقراطية والحرية.
أخ الشهيدة… وامتداد وصيتها
لا يمكن الحديث عن عزيز دون استحضار سعيدة المنبهي، الشاعرة والمناضلة التي استشهدت سنة 1977 بعد إضرابها الأسطوري عن الطعام. حمل عبد العزيز ذكراها كوصية أبدية، وحوّل فقدانها إلى دافع للاستمرار، فكان شاهدا حيا على جيلٍ ضحى بسنوات عمره في السجون والمنافي من أجل حلم الحرية.
رحيل آخر قلاع الذاكرة اليسارية
برحيل المنبهي، فقد اليسار المغربي واحدا من رموزه الذين ربطوا بين الجامعة والشارع، بين الكلمة والموقف. كثيرون يرون فيه آخر قلاع جيل السبعينيات، ذلك الجيل الذي آمن بأن النضال ليس مهنة ولا هواية، بل قدَرٌ واختيار وجودي.
إرث لا يزول
رحل عزيز بجسده، لكن صورته ستظل ماثلة جيلا بعد جيل.. كمناضل طلابي، معتقل سياسي، منفي، وأخ لشهيدة جعلت من جسدها قصيدة حرية. كلاهما، سعيدة وعزيز، يكتبان معا سطرا مضيئا في ذاكرة المغرب السياسية والثقافية.
