رأى رئيس الجمعية المغربية لحماية المال العام، محمد الغلوسي، أن سعي وزير العدل والأغلبية الحكومية لتمرير المادتين 3 و7 من مشروع قانون المسطرة الجنائية يشكل تهديدًا خطيرًا لمبادئ الديمقراطية وفصل السلطات، ويمثل محاولة للسطو على صلاحيات ومهام السلطة القضائية.
وفي تدوينة له على فايسبوك، أكد الغلوسي أن “تفكيك منظومة الابتزاز السياسي والتشريعي ضرورة وطنية ملحة قبل فوات الأوان”، مشيرًا إلى وجود “تواطؤ خطير ومفضوح داخل البرلمان” يستهدف استقلالية القضاء ويكرس الإفلات من العقاب، ويقوض مبدأ ربط المسؤولية بالمحاسبة.
وأضاف المحامي بهيئة مراكش أن مشروع القانون يسعى أيضًا لعزل المجتمع عن معركة مكافحة الفساد والرشوة ونهب المال العام، متسائلًا: “من سيوقف هذا اللوبي ويعطل مخططاته التخريبية؟”
وأوضح الغلوسي أن المادة 3 تمنح الوكيل العام للملك لدى محكمة النقض، بصفته رئيس النيابة العامة، سلطات إضافية تحت سلطة السلطة التنفيذية ممثلة في المفتشية العامة لوزارة الداخلية ووزارة المالية، وهو ما يتعارض مع الفصل 107 من الدستور ويهدد استقلالية النيابة العامة في مكافحة جرائم المال العام.
كما أشار إلى أن المادتين تكرسان التمييز بين المواطنين، حيث تمنحان نخبة معينة امتيازات قضائية وقانونية تخالف الفصل 6 من الدستور المتعلق بالمساواة أمام القانون، وتتعارض مع اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد، مما يهدد مصداقية المغرب دوليًا.
وأكد الغلوسي أن هذا المسعى يعكس إرادة نخبة سياسية مستفيدة من الفساد والريع، تسعى لحماية مصالحها الخاصة من مساءلة المجتمع والرقابة المؤسسية، مؤسِّسًا لما وصفه بـ”دولة داخل الدولة”، ما أدى إلى تعميق فقدان الثقة في المؤسسات وأجهض أحلام المغاربة في التنمية.
وشدد رئيس الجمعية على أن الجمعية سبق أن نبهت الأحزاب والمؤسسات الدستورية لهذا الانزلاق من خلال احتجاجات ومراسلات ولقاءات مع مختلف الهيئات المعنية بالحكامة.
واختتم الغلوسي بالتأكيد على أن هذا المسعى يشكل تهديدًا لدولة الحق والقانون، ويشجع على استمرار الفساد والرشوة والإثراء غير المشروع، داعيًا الدولة ومؤسساتها، وخصوصًا المحكمة الدستورية، للتصدي لهذا الانحراف السياسي والتشريعي الذي يستهدف تعميق الفساد وتقييد الحقوق والحريات.
