لم يكن الثالث عشر من غشت 2025 يوما عاديا في مدينة أزغنغان التابعة لإقليم الناظور، حيث أقيم زفاف موسى أزغنغان. غير أن ما أثار الجدل لم يكن الزواج في حد ذاته، بل ما رافقه من مظاهر بذخ غير مسبوقة وصور تناقلتها مواقع التواصل الاجتماعي أظهرت سيارات فارهة بلا لوحات، وأعيرة نارية تطلق في الهواء، ونثرا للأموال على الحاضرين، وسط مأدبة بحرية فاخرة أعدت لمئات المدعوين.
الحدث سرعان ما تجاوز الحدود المغربية بعدما تناولته الصحافة الإسبانية بحدة غير مسبوقة. صحيفة إنديبيندينتي اعتبرت العرس “فضيحة أوروبية” بكل المقاييس، مؤكدة أن الشرطة الأوروبية شرعت في فتح تحقيق عاجل حول ما وصفته بـ”عرس المخدرات”. التحليلات الواردة في الصحيفة شددت على أن القضية لا تتعلق بزفاف شخص مطلوب فقط، بل بحدث كشف أمام العلن عن قوة شبكة تهريب عابرة للحدود استطاعت أن تجمع تحت سقف واحد أسماء بارزة من عالم المخدرات قادمة من هولندا وفرنسا وإسبانيا ودبي، إلى جانب رجال أعمال ومسؤولين محليين.
الصحيفة الإسبانية ركزت بشكل خاص على أن ما جرى في أزغنغان يمثل رسالة خطيرة إلى الأجهزة الأمنية الأوروبية، إذ أظهر أن شخصا فارا من العدالة قادر على تنظيم احتفال ضخم بهذا الشكل دون أن يعترضه أحد. وهو ما يثير، بحسب إنديبيندينتي، أسئلة محرجة حول حجم الحماية التي يتمتع بها موسى الريفي داخل المغرب، وحدود التواطؤ أو التساهل الذي سمح له بالظهور علنا في حدث تناقلته وسائل الإعلام الدولية.
الأكثر من ذلك، ربطت الجريدة الواقعة بالملف الأوروبي الأشمل المرتبط بتهريب المخدرات، معتبرة أن تداعياتها لا تتوقف عند المغرب. فميناء الجزيرة الخضراء بالأندلس يشكل البوابة الرئيسية لمرور شحنات الحشيش والكوكايين إلى أوروبا، وأي مؤشر على تنامي نفوذ شبكات مثل شبكة موسى يترجم مباشرة إلى تهديد أمني على الأراضي الإسبانية. من هذا المنطلق، اعتبرت الصحيفة أن “عرس موسى” لم يكن مجرد واقعة محلية، بل ناقوس خطر لأوروبا كلها.
المتابع لما كتبته الصحافة الإسبانية يخرج بانطباع أساسي مفاده أن القضية لم تعد شأنا داخليا مغربيا، بل تحولت إلى ملف أمني يهم القارة الأوروبية. ومع دخول الشرطة الأوروبية على الخط وتحليلها للصور والفيديوهات المنتشرة، يتجه التحقيق إلى محاولة رسم خريطة دقيقة لشبكة العلاقات التي ظهرت في العرس، ومعرفة كيف تمكن موسى من التحرك بحرية بهذا الشكل رغم كونه مطلوبا للعدالة.
في كل الأحوال، يظل “عرس موسى أزغنغان” حدثا أثار نقاشا واسعا داخل المغرب وخارجه، وفتح الباب أمام قراءات متباينة بين من اعتبره مجرد احتفال اجتماعي عادي، ومن رآه مؤشرا على تحولات أعمق في المنطقة. أما ما نشرته الصحافة الإسبانية، فقد أضفى بعدا آخر على النقاش، حين ربطت الواقعة باهتمامات أوروبية تتعلق بالأمن والحدود. وبين هذه الروايات المختلفة، تبقى التحقيقات الجارية وما ستكشفه الأيام المقبلة العامل الحاسم في توضيح الصورة الكاملة.
