في مشهد يُجسّد الوضع الكارثي الذي وصل إليه قطاع الصحة العمومية بالمغرب، تتعرض رضيعة لا يتجاوز عمرها ثلاثة أشهر لمعاناة غير إنسانية بعد تأجيل عملية جراحية مستعجلة كانت ضرورية لإزالة ورم خطير، دون تقديم أي مبررات طبية واضحة من إدارة المستشفى الجهوي الحسن الثاني بأكادير، الذي بات يُلقب محليًا بـ”مستشفى الموت”.
الرضيعة، التي تحمل بين ملامحها براءة الطفولة وتكابد في صمت آلام المرض، أصبحت عنوانا لصورة أشمل تعكس حجم الإهمال واللامبالاة التي يواجهها المواطن المغربي في مرافق صحية يُفترض أن تكون ملاذا للشفاء، لا نقطة انطلاق للمآسي.
وعقب الحادث، خرج المئات من المواطنين في وقفة احتجاجية غاضبة أمام بوابة المستشفى، رافعين شعارات تُندد بتردي الأوضاع الصحية، ومطالبين بمحاسبة المسؤولين عن هذا الإهمال المتكرر، الذي لم يعد استثناء بل قاعدة في عدد من المؤسسات الصحية بالمملكة.
غير أن رد الدولة على هذا الحراك الشعبي السلمي لم يكن بفتح تحقيق أو إرسال لجنة تقصي، بل بإيفاد القوات المساعدة لتفريق المحتجين، ما اعتبره كثيرون تكريسا لنهج القمع عوض الإصغاء لمطالب المواطن المشروعة في العلاج والكرامة.
في ظل هذه الظروف، يتساءل الشارع المحلي والوطني؛ هل أصبحت المطالبة بحق في العلاج جريمة؟ وأين هي مسؤولية وزارة الصحة؟ بل الأهم؛ إلى متى سيستمر هذا الاستخفاف بحياة المواطنين، خصوصا في مناطق مثل سوس التي طالما اشتكت من التهميش والتمييز المجالي؟
العديد من الأصوات بدأت تتحدث عن ملامح “حراك جديد” في سوس، يعيد إلى الأذهان مشاهد حراك الريف، خاصة أن الشعارات، والمطالب، وحتى الرد الأمني، تُشبه إلى حد كبير ما جرى هناك قبل سنوات.
ما بين صرخة رضيعة تصارع الورم في مستشفى مهمل، وغضب مواطنين نزلوا إلى الشارع طلبا للكرامة، يبقى السؤال الأهم.. من يحمي صحة المغاربة؟
