رحل صباح اليوم خالد العيادي في مدينة إمزورن باقليم الحسيمة، أحد أبرز الوجوه التي عُرفت في حراك الريف بإنسانيته العفوية وابتسامته وبساطته التي صنعت البهجة في أصعب اللحظات.
خالد نغ، أحد أكثر الوجوه قربا إلى قلوب الناس في حراك الريف. رحيله المفاجئ شكّل صدمة موجعة لكل من عرفه عن قرب أو حتى اكتفى بمشاهدته عبر الصور والفيديوهات التي جابت وسائل التواصل الاجتماعي، وهو يوزّع الفرح بابتسامته العفوية وحضوره المختلف.
وكأنه حقق حلمه الأخير حين حضي بعناق أخير من الزفزافي في جنازة والده، فارتاح قلبه وغادر هذا العالم المليء بالظلم، تاركا وراءه ابتسامة لا تُنسى وصورة تفيض بالحب والحرية.
في خضم الحراك الشعبي الذي عرفته منطقة الريف منذ سنوات، برزت أسماء كثيرة ارتبطت بالمطالب الاجتماعية والسياسية. غير أن خالد لم يكن سياسيا ولا منظّرا، بل كان روحا صافية جعلت من البساطة سلاحا ومن الحب موقفا. لقد كان خالد، بملامحه المشرقة وببراءته الفطرية، يذكّر الجميع أن جوهر أي حراك هو الإنسان.
من بين الصور التي ستبقى محفورة في ذاكرة الريفيين والمغاربة عامة، تلك التي التُقطت لخالد وهو يعانق ناصر الزفزافي داخل سيارة الأمن عقب جنازة والده. لم تكن لحظة عادية، لقد كانت مشهدا مؤثرا كشف عمق إنسانية خالد، وقدرته على كسر الحواجز بين الأسوار الحديدية ومشاعر البشر. في ذلك العناق، اختصر خالد معاني الوفاء والصدق، وذكّر الجميع أن الكرامة لا تنفصل عن المحبة.
أصدقاء خالد يصفونه بـ”صانع السعادة”. لأنه لم يكن يخشى الميكروفونات ولا الحشود، كان يقف بجرأة ليهتف بما يؤمن به، لكن بأسلوب مختلف؛ بخفة دم وابتسامة واسعة تجعل من حوله يبتسمون حتى في أشد لحظات التوتر والغضب. كان خالد رمزا للتلقائية في زمن معقّد، وملاذا للنفوس التي تبحث عن لحظة نقاء.
برحيله، خسر الريف أحد أبرز وجوهه الإنسانية، وخسر الحراك أيقونة جعلت الكفاح مشبعا بالضحكة الصادقة. لكن الذاكرة الجماعية ستبقي خالد حيا، من خلال صوره وهو يرفع يديه متحديا أو وهو يوزّع العناق بابتسامة لا تُنسى.
رحم الله خالد العيادي، وتعازينا إلى عائلته الصغيرة، وإلى كل من وجد في حضوره طاقة أمل وبهجة إنسانية.
لقد غاب جسد خالد، لكن ستبقى روحه حاضرة، شاهدة على مرحلة ستُروى للأجيال.. مرحلة صنع فيها خالد معنى آخر للنضال؛ نضال المحبة.
