تشهد العاصمة السياسية الهولندية لاهاي منذ صباح اليوم حالة من التوتر الشديد، بعد أن تحولت المظاهرات المناهضة للهجرة من تجمع سلمي في ساحة ماليفيلد إلى مواجهات مباشرة مع الشرطة، إثر محاولة مئات المحتجين قطع الطريق السريع A12 المجاور.
بدأت الدعوة إلى المظاهرة من الناشطة إلس ريشتس، التي أكدت أن هدفها هو التعبير السلمي عن رفض سياسة اللجوء الحالية. ومع انطلاق الفعالية، توافدت أعداد كبيرة من المحتجين إلى ماليفيلد، في مشهد يعكس حجم الانقسام حول قضية الهجرة.
لكن التطورات أخذت منحى آخر حينما غادر ما يقارب 1500 شخص الساحة واتجهوا نحو الطريق السريع، رغم نداءات المنصة بالابتعاد عن الطرق الحيوية. وأعلنت الشرطة أن عناصرها تعرضوا للرشق بالحجارة والزجاجات، مما اضطرها للتدخل مستخدمة إجراءات تفريق لتأمين الطريق وإعادة فتحه أمام حركة السير.
لم تقتصر المظاهرات على الهتافات، بل رُفعت أعلام وطنية وأخرى مثيرة للجدل، مثل علم الأمير البرتقالي–الأبيض–الأزرق. ورغم قيمته التاريخية كرمز للاستقلال الهولندي في القرن السادس عشر، إلا أن استخدامه من قبل الحركة الاشتراكية الوطنية (NSB) خلال الحرب العالمية الثانية ومن قِبل جماعات يمينية متطرفة اليوم جعله رمزاً ملتبس الدلالة.
كما شهدت المظاهرات إطلاق ألعاب نارية ورفع لافتات تحمل صور المؤثر الأمريكي اليميني تشارلي كيرك والسياسي الهولندي الراحل بيم فورتوين، ما أعطى للتظاهرة بعدا سياسيا يتجاوز مطلب تشديد سياسة اللجوء.
وقال متحدث باسم الشرطة: “الوضع على الطريق السريع خطير. نحن نتعرض للعنف بالحجارة والزجاجات، ولهذا نتخذ إجراءاتنا لحماية عناصرنا وضمان سلامة المواطنين.”
وحتى الآن لم تعلن السلطات عن عدد الإصابات أو الاعتقالات، في حين تستمر قوات الأمن بمحاولة السيطرة على الحشود في محيط ماليفيلد وعلى امتداد A12.
تأتي هذه المظاهرات في ظل نقاش محتدم حول ملف الهجرة واللجوء داخل الحكومة الجديدة ذات التوجهات اليمينية. فبينما تدعو بعض الأحزاب إلى تشديد القوانين وتقليص أعداد طالبي الحماية بحجة الضغوط على الإسكان والبنية التحتية، تحذر أحزاب يسارية ومنظمات حقوقية من تصاعد خطاب الكراهية وخطر انجراف المجتمع نحو التطرف.
ويرى محللون أن رفع رموز مثيرة للجدل خلال المظاهرة يعكس اختلاط المطالب الاجتماعية بالخطاب السياسي المتشدد، الأمر الذي قد يفتح الباب أمام مزيد من الاستقطاب.
