هيئة التحرير
في الحسيمة وباقي مدن الشمال، لم يعد الغلاء مقتصرا على المواد الغذائية الأساسية فقط، بل امتد ليشمل الفنادق والمطاعم والمرافق السياحية، ليطرح تساؤلات حقيقية حول أسباب هذا التضخم غير المبرر الذي أثقل كاهل السكان وزوار المنطقة على حد سواء.
تشهد أسواق الحسيمة ارتفاعا حادا في أسعار المواد الغذائية، حيث وصل سعر الكيلوغرام من البطاطس إلى حوالي 7 دراهم، والطماطم والفلفل تجاوزا 10 دراهم، فيما قفزت أسعار اللحوم الحمراء إلى أكثر من 120 درهما للكيلوغرام. حتى الأسماك، التي كان من المفترض أن تكون في متناول الجميع في مدينة ساحلية، صارت أسعارها مرتفعة بشكل خيالي، ما يجعلها خارج قدرة الشريحة الأكبر من السكان.
لم يتوقف الأمر عند هذا الحد، فقد انعكس الغلاء على قطاع السياحة المحلي. إذ ارتفعت أسعار المطاعم بشكل ملحوظ، فقد تكلف وجبة عائلية في مطعم متوسط بالحسيمة أكثر من 500 درهم، في حين تجاوز سعر فنجان القهوة 20 درهمًا في بعض المقاهي المطلة على البحر. أما الفنادق، فقد رفعت أسعارها خلال موسم الصيف إلى مستويات قياسية، إذ تصل تكلفة الليلة الواحدة في بعض الفنادق المتوسطة إلى 1600 درهم، وهو مبلغ يعادل أو يتجاوز أسعار الليالي في فنادق خمس نجوم بمدن إسبانية مجاورة.
يضاف إلى ذلك ارتفاع أسعار كراء الشقق المفروشة، حيث يصل سعر الليلة إلى 1500 درهم في موسم الذروة، رغم جودة الخدمات التي لا ترقى لمستوى هذه التكاليف. كما تشهد أنشطة الترفيه مثل رحلات القوارب أسعارًا مرتفعة، تتجاوز في كثير من الأحيان القيمة الحقيقية للخدمة المقدمة.
ويرجع سبب هذا الغلاء إلى عدة عوامل متشابكة، أهمها الجشع التجاري الذي يستغله البعض لاستغلال ضعف العرض وارتفاع الطلب، ما يؤدي إلى فرض أسعار مبالغ فيها في موسم الصيف. كما أن غياب الرقابة الصارمة من قبل السلطات على الأسعار، يجعل بعض التجار وأصحاب الفنادق والمطاعم يفرضون أسعارهم دون حسيب أو رقيب.
لا يخفى أيضا دور تفشي الرشوة والمحسوبية، التي تسهل تجاوز القوانين وتعطي فرصة لمن يملكون المال لتجاهل الضوابط، مما يؤدي إلى تمادي بعض الفاعلين في رفع الأسعار بشكل غير قانوني. إلى جانب ذلك، تغول أصحاب رأس المال وكبر حجمهم في قطاعات الفنادق والتوزيع، الأمر الذي يقلل المنافسة ويمنحهم القدرة على التحكم بالسوق وتحديد الأسعار حسب مصالحهم.
هذه الظروف مجتمعة أدت إلى وضع صعب للسكان المحليين والسياح، حيث أصبحت العطلة في الحسيمة تكلف أكثر من زيارة مدن إسبانية قريبة، وهو ما ينعكس سلبا على جاذبية السياحة الداخلية ويحد من استفادة المواطنين من موارد وطنهم.
في ظل هذه المعطيات، يبقى السؤال مطروحا: هل ستتحرك الجهات المختصة لتفعيل دور الرقابة ومحاسبة المتلاعبين بالأسعار؟ وهل ستُتخذ خطوات فعلية لدعم الفئات الضعيفة وضمان أسعار عادلة تحمي المستهلك والسياحة على حد سواء؟
